المدينة الفاضلة - راحة نفسية
لم أنم بالأمس جيدا ، و لكن لا بد أن أستيقظ ، استيقظت و جلست على الكرسي المريح بجوار السرير .
سمعت زقزقة العصافير ، تناغش زجاج النافذة ، بلطف شديد ، يدخل من النافذة شعاع الشمس الذهبي ، الذي يذيب جماله جليد الهموم ، و رائحة الياسمين و الريحان ، تتسلل إلى شرفتي ، تهديني عطورها .
تجولت في شقتي ، فاذا بنور ساطع ، و الجو هادئ بديع ، و اذا بالشقة مرتبة كما هي ،
فلم يكن ثمة تراب على الأساس الوتير ، حتى حجرة ولدي ، مرتبة و الكتب على مكتبه
منظمة ، و ملابسه معلقة بنظام .. فشكرت له صنيعه .
خرجت إلى الشرفة في الصباح ، فاذا بجارتي تحييني بابتسامة رقيقة ، فبادلتها التحية ، و اذا بجارتي الأخرى التي تقطن أمامي ، تفتح الشباك ، و تسلم عليّ بودّ ، و بوجه بشوش تسألني ،
هل أنتي على ما يرام ♥ ؟ ... أجبت بنعم ..
تذكرتني بفنجان القهوة في المساء الذي تناوله سويا .
ألقيت نظرة سريعة على الشارع الواسع النظيف المنظم ، تحيط به الأشجار من كل مكان ، و الناس تسعى بهدوء ، كل يعرف أن يذهب ، ليؤدي عمله .
سمعت جرس الباب يدق ، فأسرعت بلهفة ، فاذا ببائع الزهور ، يقول صباح السعادة يا سيدتي ... أخذت زهوري بين أحضاني ♥ ، و تراقصنا أنا و هي ، و تمايلنا و تبخترنا ،
و ضعت وجهي بين أحضانها ، فعانقتني بأريجها .. ياله من يوم سعيد ♥ ! .
وضعت زهوري في مكانها المفضل ، و فتحت باب الشقة لأنزل على الدرج المزين ، إلى حديقة المنزل ، المنظمة الأركان ، عالية الجدران ، مليئة بالأرائج المريحة ، و الثمار النادرة ، و الزهور الزاهية ، و اذا بالعصافيرتطير نحوي ♥ ، تحييني بصوت جميل ، ترفرف حولي ، حتى جلست على مقعدي المفضل ، و مددت يدي ، لأتناول فطوري ..
و فجأة !! ...
وجدت صفعة قوية على وجهي !! ، ففزعت ، فاذا به الواقع الأليم يوقظني !! ...
سمعت صوت البائع المتجول ، ينادي بصوت مزعج في الشارع ، فنظرت في الشرفة ، فاذا بماء غير نظيف يسقط على وجهي ، فاذا بها جارتي التي طالما آذتني بمائها ، و تراب شقتها العتيق .
و وجدت جارتي التي تقطن أمامي ، تنظر إلي نظرة ، بغيضة ، و تغلق الشباك بقسوة في وجهي ! ، فهي كثيرا ما تظن بي السوء .
و وجدت الشارع مليء بالقمامة من كل جانب ! .. و اذا بجرس الباب يدق بعنف ! ..
أسرعت لأفتح ، فاذا بابني قد ملأ الدمع عينيه ، و تمزقت ملابسه ..
ماذا بك ؟! ...
- تشاجرت مع صديقي ، فضربني أبوه ! .
و اذا بالهاتف يرن ..
المتصل : ألوو .. والدة مجدي ؟ ..
- نعم !
المتصل : معكي ادارة المدرسة ... لو لم تدفعي المصروفات خلال أيام .. سيتم رفد ابنك من المدرسة ...
و أغلق في وجهي التليفون ! .
نظرت حولي ، فالشقة تحتاج لساعات لتنظيفها .
أتدرون قبل أن يصفعني الواقع أين كنت ؟ ..
كنت في مدينة أفلاطون ( المدينة الفاضلة ) ..
المدينة الفاضلة التي طالما حلم بها أفلاطون ، و لم تتحقق بعد ، فهل يا ترى من الممكن أن تكون هناك في أرض الواقع .. مدينة فاضلة ؟! .
تعليقات
إرسال تعليق